أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أدونيس - براغ : كيمياء تحوّل الغيمة امرأةً














المزيد.....

براغ : كيمياء تحوّل الغيمة امرأةً


أدونيس

الحوار المتمدن-العدد: 2682 - 2009 / 6 / 19 - 09:08
المحور: الادب والفن
    


براغ : كيمياء تحوّل الغيمة امرأةً
الخميس, 18 يونيو 2009
- 1 -

يبدو أن السماء في ساحة براغ القديمة تظل مُعلّقة بحبلٍ ربطته الأيام بعنق تمثال برونزي ضخم.

يبدو كذلك أن هذه السماء لا تحب الأسئلة التي تطرحها غيومٌ تجيء من زفير البشر، لا من الجبال أو من البحار.

غير أن المشكلة هنا هي أن الصحو لغةٌ في المستحيل.

- 2 -

خلافاً لما ظنَّ رامبو:

الحياةٌ هنا حاضرةٌ،

لكن الإنسان في مكانٍ آخر.

- 3 -

مع ذلك،

يُمكن في هذه الساحة تعلّمُ الكيمياء التي تقدر أن تحوّل الغيمة الى امرأةٍ،

والفضاء الى تجويف أحمر في جبل الشهوة.

- 4 -

خُيّل إليّ، فيما كنتُ أعبرُ هذه الساحة في اتجاه الشارع الملكي، أنّ للسيكلوب الآن في البحار الأوروبية عينين،

وقلتُ في ذات نفسي متسائلاً:

ألم يكن هذا العملاقُ الأسطوريُّ أحدَّ نظراً عندما لم تكن له إلا عينٌ واحدة؟

- 5 -

براغ، كمثل بيروت: يتلَطّفُ فيها التقدمُ لابساً معطفاً أسود،

له يدانِ لهما شكلُ ملاكٍ إلكتروني.

- 6 -

براغ كمثل بيروت: يكاد الماء فيها أن ينقسم هو نفسه حتى في الكأس الواحدة. ذلك أن المنحدر أمام التقدم فيها، إنما هو جرحٌ كونيّ.

وثمة انشقاقاتٌ وتصدّعاتٌ في جُدران الزمن، وثمّة انكساراتٌ في الهيكل العظمي الذي يُسمى المكان.

وانظروا:

الجسم ينتمي الى المحار،

والعظمُ صدفٌ كِلسيّ:

إذاً،

كيف تهجئين هنا كلمة العَصْر،

أيتها الأبدية؟

- 7 -

وحيٌ من جهة لاتيرنا ماجيكا:

1 - ثقافةٌ كمثل سماعة رأسية لبرق لاسلكي.

2 - الحرية مرفوعةٌ على عمود ذريّ.

3 - خيرٌ للقرن الطالع أن يلفَّ رأسه بالقش.

4 - عِلمٌ يتغوَّطُ في سرير الشعر.

5 - تقيّحٌ في رئة العلم.

6 - ليس المهم أن يكون الإنسانُ أكثر من حيوانٍ سياسي،

المهم أن يكون أكثر من حيوان ناطق.

7 - أُلوهةُ السياسة هي نفسها سياسة الأُلوهة.

- 8 -

براغ في سروالها الليلي:

لهذا السروال حجمُ الشوارع مجتمعة.

قيل لي حول مائدة:

رأسُ الحب هنا

هو كذلك محمولٌ أبداً

على طبق السيدة سالومي.

وقيل لي:

لا يتوقف النفط عن الكلام،

والحق مع غيره، دائماً.

هكذا تحظى بأكثر من سارتر في براغ،

يلبسون جميعاً قُبَّعاتِ العمل،

ويَصْنَعون مصافي للحرية في الوجود النفطي.

كيف يُدْهَش إذاً من يرى أن الحب يُحِب أن يعيش في قفص الآلة؟

وكيف لا يُدْهش مَن يرى أن الحرية هي نفسها تحرسُ أبواب هذا القفص؟

- 9 -

تجلسُ براغ هي كذلك الى مائدة العيد الذي لا يُدعى إليه، إلا من اختاره الله، أهل الصلاة والصِّلات،

تخطيطاً للدخول الى المناخ الذي تنضج فيه الأفكار والآلهة كما تنضج الفواكه.

وتؤكّد براغ أن الكسل الأوروبي ينامُ في أحضان عملٍ آخر بين حركات ليست إلا جراحاً عميقة في عُنقِ اللغة.

- 10 -

أتنقل بين الأزقة القديمة، ويُخيَّل إليَّ كأنني أسمع أصواتاً:

> تحوّم الحياة حولنا

كأنّها طيرٌ أعمى.

> مهما كانت يمينُ المعنى باذخة،

فأنا أفضّل الجهة اليُسرى من فردوس الصُّور.

> بعض الكلمات هي نفسها سلاسل.

> الجنة بابٌ مفتوحٌ

أمام المؤمنِ، أياً كان.

> ليس في الكواكب غير الغبار،

ليس في الغبار غير الكواكب.

- 11 -

براغ - المدينة شعرٌ،

لكن، أين الشعر في براغ - الناس؟

وهل أصبحتَ أقلّ من توتٍ بري حتى أنتَ، أيها الشعر؟

إذاً، باسم الشعر،

إحمل الشمس على كتفيك، وقل للفضاء: كن قميصاً.

آنذاك تعرف كيف تَكتَسي بالسماء صاعداً على سُلّم اللون،

وكيف تنسج قوس قُزحٍ من خيوط المخيلة.

ولا تَنْسَ: العمل هنا، كمثل الغيم، أنفاسُ مُرهقين

يكتبون تاريخهم بحبرٍ هو نفسه تاريخٌ مُرهَق.

هكذا،

إن جاءك البحر المتوسط، صباحاً، فمن الممكن أن تهمس في أذنيه: أخطأت الطريق يا صديقي.

عُد صباح غدٍ لكي أدلّك عليها. غير أنني سأُقيم باسمك جبهة مع الليل، وأنتظر.

لا تقلق. عندي صبرُ المجرَّات.

- 12 -

جسر شارل/

تحت قنطرته الوسطى عرباتُ حمام تجرّ ثيراناً

سماوية اختُصّت بإيقاظ الموتى الذين اختُصوا

بإيقاظ الأحياء.

كانت الحرية قد أشعلت شموعاً سالَت مع ماء فِلتافا.

السياحة غبار العصر، وفلتافا يتدفق بكاء.

أتخيّل طريقاً آخر للتاريخ، وأتكئ على القنطرة الأخيرة

في جسر شارل، أتحاور مع ماء العالم:

عرفت، أيها الشيطان الفاتِن، كيف تُلغز الكلام، مرة واحدة وإلى الأبد.

متى سَتُوَسوِسُ للشاعر لكي يضع أخيراً طُعمَهُ الهُرموني حول



#أدونيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لم يعد يعرف الليل ُ كيف يحيّى قناديلنا ( مقتطفات 2)
- لم يعدْ يعرفُ الليلُ كيف يُحيِّي قناديلَنا (مقتطفات)
- زيارة الى غرناطة تحية الى كمال بلاّطة
- جَذْرُ السَّوْسَن
- من يوميات المتنبي
- صورٌ وصفيَّة لحالاتٍ أمْلَتْها نبوءاتُ الأعمى
- الصقر( مقاطع )
- أفصحي، أنت أيتها الجمجمة !
- الغائب قبل الوقت
- أغاني مهيار الدمشقي (مختارات)
- حجاب الحاضر، حجابٌ على المستقبل
- لماذا أثارت زيارتي إلى إقليم كردستان العراق (14 - 24 نيسان - ...
- عشرون قصيدة ليانيس ريتسوس
- سبع قصائد ليانيس ريتسوس
- انظرْ الى سيف الطّاغية كيف يُشحذُ وإلى الأعناق كيف تُهيّأُ ل ...


المزيد.....




- فيلم -بين الرمال- يفوز بالنخلة الذهبية لمهرجان أفلام السعودي ...
- “ثبتها للأولاد” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة أفلام ...
- محامية ترامب تستجوب الممثلة الإباحية وتتهمها بالتربح من قصة ...
- الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز تتحدث عن حصولها عن الأموال ف ...
- “نزلها خلي العيال تتبسط” .. تردد قناة ميكي الجديد 1445 وكيفي ...
- بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...
- -النشيد الأوروبي-.. الاحتفال بمرور 200 عام على إطلاق السيمفو ...
- بأكبر مشاركة دولية في تاريخه.. انطلاق معرض الدوحة للكتاب بدو ...
- فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أدونيس - براغ : كيمياء تحوّل الغيمة امرأةً